اخر الاخبار

الأربعاء، 4 يونيو 2014

الشعائر يبن النقد والقبول / السيد منير الخباز

الحلقة الثانية العنوان الثاني:
عنوان إبراز محبةِ أهل البيت ، قال تبارك وتعالى (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )[5]، العلماء يقولون فرقٌ بين المودة والمحبة ، المحبة هي الميل النفساني، الإنسان عندما تكونُ لهُ ميولٌ نفسانيةُ تجاه شخصٌ فهذا الميل يسمى محبة لكن لا يسمّى مودة، المودة هي إظهار ،ما لم يظهر الإنسان حُبه فلا يقال عندهُ مودة، المودة هي إظهار المحبة المودة هي إبراز المحبة، الميل النفساني لو لم يُظهر يسمى محبة ولكن إذا أُظهِر وأبرز وأُعلن كان إظهارهُ مودة فالمودة هي إبراز المحبة وإظهارها، لذلك (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) يعني أنا لا أريد مكافأةً على تضحياتي وعلى جهودي و على ما بذلتهُ في سبيل نشر هذهِ الدعوة التامة، لا أريد أيّ مكافأةًٍ على ذلك إلا مكافأةً واحدة وهي مودةُ أهل البيت يعني إبراز محبتهم وإظهارُ مودتهم.
فإذًا المودة يعني إبراز المحبة ، فلا يكفي المسلم أن يقول أنا محبٌ لأهل البيت من دون أن يبرز محبتهُ بطريقةٍ معينة بطقسٍ معين بلونٍ من ألوان التعامل فإنه ما لم يبرز المحبة لم يظهر منهُ أيُّ مودة ولم يقم بأيُ مودة، مضافا لما ذكرهُ العلماء من أنّ مقتضى مناسبة الحكم للموضوع كما يعبِرون أنّ ظاهر الآية هو إبرازُ المحبة لا مجَرد المحبة النفسانية فإنّه الرسول الأعظم الذي قام بهذه الجهود الضخمة الكبيرة في سبيلِ الدعوةِ المحمدية لا يُحتَمل أن يكون جزاؤه ومكافأته مجرد محبةٍ نفسيةٍ في القلب لا يعلمُ بها أحد، المناسب لتضحياتهِ وجهوده أن تكون مكافأته هي إبراز المودة وإبراز المحبة وإعلانها فإنّ هذا الذي يتناسب أن يكون مكافأةً وأجراً لما بذلهُ النبيُ محمدٌ في سبيل نشرِِ هذه الدعوة.
العنوان الثالث:
هو عنوان إعلاء ذكر الله كما قال تبارك وتعالى (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) صحيحٌ أن الآية وردت في سياق شعائر الحج ولكن كما يقول العلماء خصوص المورد لا يخصص الوارد، الآية وإن كانت واردةً في سياق آيات الحج إلا أنها تتكلم عن كبرى وعن قاعدة وعن قانون كلي،" ذلك ومن يعظّم شعائر الله" يعني أيّ شعيرةٍ تظهر ذكر الله ، تحيي ذكر الله عزّ وجل فحقيق بالمسلم أن يعّظمها وأن يشيدَ بها، ومن أوضح الشعائر التي تعلي ذكر الله وتحقق المبادئ السماوية الشعائر الحسينية التي هي تفاعلٌ مع مبادئ الحسين ومع قضية الحسين ومع صرخة الحسين صلوات الله وسلامه عليه ، إذاً هذهِ العناوين القرآنية الثلاثة هي الدلائل والمدارك على مشروعية إقامة الشعائر الحسينية 

السؤال الثالث: ما هي المراحل التي مرّت بها الشعائر الحسينية ؟؟
هناك مراحل ثلاث، مرحلة التخطيط ومرحلة الترويج ومرحلة الترسيخ .
المرحلة الأولى:
هي مرحلة التخطيط ، كلٌ حجة وكل إمام ٍ قام بمرحلةٍ من المراحل ، المرحلةُ الأولى مرحلة التخطيط من الذي خطط لهذه الشعائر التي نمارسها ونسير عليها ؟؟ أولُ من خططّ لهذه الشعائر الحسين نفسه، الإمام الحسين نفسه هو الذي خططّ لهذهِ الشعائر ، عندما قال:" شاء الله أن يراني قتيلا، وأن يرى النساء سبايا "، أنتم تعرفون أنّ الإنسان العاقل الحكيم هو الذي إذا انشأ مشروع معين ، ينشأ ضمانات لهذا المشروع ، الإنسان العاقل لا يكتفي بأن ينشأ المشروع ثم يترك المشروع تحت رحمة الزمن أو تحت رحمة المجتمع أو تحت رحمة الأعاصير، هذا ليس إنساناً حكيماً ، ليس إنساناً بعيد النظر ، الإنسان الحكيم بعيدُ النظر هو الذي إذا أسس مشروعا أيضا يؤسس معه الضمانات التي تتكفل باستمرار المشروع وبقاء المشروع، الحسين أسس مشروعه، ألا وهو مشروع الإصلاح ، "ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح " مشروع الحسين هو مشروع الإصلاح ، لكن ما هي الضمانات التي وضعها الحسين لاستمرار مشروعه ولبقاء صرخته ولبقاء صوته ، الضمانات هي الوسائل الإعلامية التي اتخذها الحسين في سبيل إبلاغ صوته وصرخته لأكبر عدد ممكن ، والوسائل الإعلامية هي السبايا هي صوت زينب هي صرخة زينب"ع"، شاء الله أن يراني قتيلا، هذا هو المشروع وأما الضمانات والوسيلة الإعلامية التي تتكفل ببقاء مشروعي ، فهي الجملة الثانية " وشاء الله أن يرى النساء سبايا" خروج النساء سبايا هو الوسيلة الإعلامية التي تكفلت ببقاء هذا المشروع ، لولا سبي زينب ولولا أنّ زينب تعرضت لهذه الصورة من السبي ومن الألم ومن الصراخ ومن الصوت لما بقيت ثورة الحسين ولتبخرت أدراج الرياح ، إذاً صوت زينب لأنهُ صوت امرأة وصوت المرأة مؤثرا في القلوب ، خصوصا إذا كان مشفوعاً بالحزن ومشفوعاً بالأسى ومشفوعاً بالمظلومية ، صوت المرأة عندما يمتزج بالمظلوميةِ والأسى من أعظم الوسائل الإعلامية التي تؤكد القضية وترسّخها في النفوس، إذاً سبي زينب وصوت زينب كان وسيلة إعلامية ضمِنت مشروع الحسين في أن يبقى مستمرًا وأن يبقى صامداً وأن يبقى شامخاَ، فالحسين هو الذي خطط لمشروعه عندما قال " شاء الله أن يراني قتيلا وأن يرى النساء سبايا".
المرحلة الثانية :
مرحلة الترويج زين العابدين أول من روّج لمعركة كربلاء حينما بكى على أبيهِ عشرين سنة ، الباقر ،الصادق ، الرضا ، حينما كانوا يستدعون الشعراء والنادبين الذين ينشدون الشعر في رثاء الحسين :

أُمرر على جدث الحسين وقل لأعظمه الزكيّة
يا أعظما لازلت من وطفاء ساكبة رويّه
فإذا مررت بقبره فأطل به وقف المطيّة
وابك المطهّر للمطهّرة والمطهرة الزكية

هذه كانت مرحلة الترويج ، الإمام الصادق يقول أوصاني أبي الباقر أن استأجر لهُ عشر جواري يندبنهُ في مِنى ، أيام مِنى ، وكان الصادق يستأجر الجواري يجلسن على قارعة الطريق أيام مِنى بين الحجاج بين الملل المتفرقة يندبنَ الحسين عليه السلام ويذكّرن الناس بمبادئ الحسين وبقضية الحسين ، المرحلةُ الثالثة مرحلة الترسيخ والتي قام بها علمائنا رضوان الله تعالى عليهم منذ عصر الإمام الهادي والعسكري إلى يومنا هذا رسّخوا هذه الشعائر وثّبتوها وأكّدوا عليها وتواصلوا معها جيلاً بعد جيل، حتى أصبحت هذه الشعائر من ركائز المذهب الإمامي ، المذهب الإمامي صار يركز على ثلاث ركائز.
ركيزة العقيدة بأنّ أهل البيت أئمة معصومون، وركيزة التراث حيث أنّ هذا المذهب هو الوحيد الذي يعتمد على تراث أهل البيت وأحاديث أهل البيت ،والركيزة الثالثة هي ركيزة الشعائر ،فإنّ هذه الركائز الثلاث تمّيز بها المذهبُ الإمامي عن بقية المذاهب الإسلامية الأخرى، هذه هي المراحل التي مرّت به الشعائر الحسينية .


.

إرسال تعليق

 
Copyleft © 2013 دائرة احياء الشعائر الحسينية
علي