اخر الاخبار

الاثنين، 9 يونيو 2014

الشعائر بين النقد والقبول / السيد منير الخباز

الحلقه الرابعة

السؤال الأخير: هل أنّ الشعائر الحسينية أمورُ قابلة ٌ للتطوير وقابلة للتغيير أم لا ؟؟
نحنُ نتعّرض هنا إلى أمرين:
الأمر الأول: الشعيرة الحسينية متى تكون شعيرةً مشروعة ؟؟ إنما تكون شعيرةً مشروعة إذا استجمعت شروط ثلاثة.

الشرط الأول: أن تكونُ مظهراً للجزع أو للفداء أو للاحتجاج، لاحظوا مثلا اللطم على الصدر الإنسان عندما يلطم على صدره هذا اللطم رمز ، رمزٌ لعدة قضايا رمزُ للجزع فإنّ الإنسان إذا تأثّر بمصيبة معينة يظهر هذا التأثّر على جسده فقد يلطم على صدره وقد يلطم على رأسه وقد يلطم على وجهه، اللطم على الصدر مظهرُ من مظاهر الجزع فهو يرمز إلى المأساة ، ثانياً اللطم على الصدر يرمز إلى الفداء، الذي يلطم على صدره يريد أن يقول للعالم كله إنّ صدري فداء لصدر الحسين ، ووجودي فداءٌ لوجود الحسين وكياني فداءٌ لكيان الحسين ، أنا ألطم على صدري لا بدافع المأساة و المظلومية فقط وإنما ألطم على صدري لأرمز إلى أن هذا الصدر وهذا الجسد وهذا البدن وهذهِ النفس وهذهِ الروح كلها فداءٌ للحسين عليه السلام ولمبادئ الحسين ، وثالثً بأنّ اللطم على الصدر رمزٌ للاحتجاج ، حيث لم تقترف الأمة جريمة أكبر من جريمة يوم كربلاء التي فيها أبيدت عترة النبي المصطفى صلوات الله وسلامهُ عليهم أجمعين فأنا من أجل الاحتجاج على تلك الجريمة الشنعاء وأمثالها من الجرائم في حق الإنسانية منذ ذلك اليوم إلى يوم القيامة هذا اللطم على الصدر أرمز به للاحتجاج على تلك الجريمة الشنعاء ، إذاً الشرط الأول في الشعيرة أن يكون رمزاً إما للجزع أما للاحتجاج إما للفداء .

الشرط الثاني : أن لا يكون موجباً لضررٍ بليغٍ على الجسد ، بحيث يعُد جناية على النفس و إلقاءاً بالنفس إلى التهلكة، إذا بلغ التصرف بالجسد إلى حدّ الضرر البليغ الذي يعد ظلماً للنفس وجنايةً على النفس ومصداقاً لقوله تعالى(وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[7] فهو شعيرةٌ محرمة وليس شعيرةً مشروعة.

الشرط الثالث: أن لا تكون هذهِ الشعيرة موجبةً لهتك المذهب و لوهن الطائفة الإمامية، فإنّ المذهب الإمامي هو صورة معبرةً عن أهل البيت ، لذلك يجب أن تكون وسائلنا الإعلامية التي نريد أن نظهر بها مبادئ أهل البيت صورةً نقية صورةً سليمة لا تعدُّ ممارستها هتكاً لحرمة الأئمة ووهناً لهذا المذهب العقلاني العظيم القائم على أصول وجذور عقلانية محكمة، هذه الشروط الثلاثة إذا توّفرت في الشعيرة كانت شعيرة مشروعةً جائزة .

الأمر الثاني: الشعائر على قسمين، شعائر ثابتة وشعائر متغيرة، الشعائر الثابتة هي الشعائر التي ورد النص بها عن أهل البيت ، شعيرة البكاء ورد النص عليها " من ذكرنا عندهُ فسال من عينه مقدار جناح ذبابة غفر الله لهُ ذنوبه" شعيرة الندبة شعيرة اللطم شعيرة الاحتفال، وردت النصوص بها ورد عن الباقر عليه السلام " يا فضيلُ أتجلسون وتتحدثون ، قلتُ: بلى سيدي، قال: إنّي أحبُ تلك المجالس فأحيوا فيها أمرنا" ، الإمام الصادق يسأل أحد الأصحاب ، يقول "كيف رأيت الناس عند قبر جدي الحسين ، هذا الراوي يصف للإمام كيف رأى الناس ، قال:
رأيتهم بين نادبٍ يندب وبين قاصٍ يقص ولاطمٍ يلطم ، قال : ( الحمد لله الذي جعل من شيعتنا من يفد إلينا ويندبنا ) هذهِ الشعائر مورست وأهل البيت حضور، أهل البيت لطموا عند جسم الحسين وعند قبر الحسين بمرأىً وبمسمعٍ من زين العابدين وأقروّا وأمضوا هذهِ الشعائر، إذاً هذهِ الشعائر ورد النص بها فهي شعائر ثابتة لا تقبل التغيّر ولا التبديل.

وهناك شعائر متغيرة وهي الشعائر التي تختلف باختلاف المجتمعات لأن المجتمعات تختلفُ في ثقافتها ، اختلاف الثقافات يفرض أحيانا اختلاف طريقة الشعائر وطريقة التعبير، مثلاً عندنا تنظرون إلى الهند وباكستان ، الهند وباكستان أيام عاشوراء يمشون على الجمر ، يجعلون الجمر بأعداد هائلة ويمشون عليها من دون مبالاة ومن دون تأّلم ، هذه الشعيرة يمارسها المسلمون في الهند وفي باكستان، لكنها شعيرة لم يرد النص بها شعيرة متغيرة لماذا؟؟

لأنها شعيرة تنبع من ثقافة معينة ، ثقافة المجتمع الهندي هي ثقافة تسخير الجسد لأغراض معينة ، لذلك تلاحظون في هذا المجتمع تنتشر الرياضات البدنية الشاقة و الرياضات الروحية الشاقة، ثقافة المجتمع الهندي تفرض هذا اللون من الطقوس وهذا اللون من الممارسات لأنها تنسجم مع طبيعة المجتمع و طبيعة ثقافة المجتمع، هذه الثقافات هذهِ شعائر متغيرة وليست شعائر ثابتة من هنا نقول بأنّ الشعائر المتغيرة قابلة للتطوير وقابلة للتجديد لأننا دائما نقصد أفضل وسيلة إعلامية نظهر بها مبادئنا ونظهر بها تاريخ أئمتنا .

فنحنُ نحتاج إلى قناة الحسين فنحنُ نحتاج إلى وقف الحسين نحنُ نحتاج إلى مسرح الحسين نحنُ نحتاج في هذا العصر إلى ألوان جديدة من الشعائر إلى مظاهر جديدة من الشعائر ، نحنُ نحتاج إلى قناة الحسين قناة خاصة بالحسين قناة فضائية لا تتكلمُ إلا عن الحسين وكربلاء وذكر الحسين ومظاهر الحسين وقضية الحسين حتى يصل صوت الحسين إلى كل سمع وإلى كل قلب وإلى كل عقل ، نحنُ نحتاج إلى مسرح الحسين ، المسلمون يمتلكون طاقات فنية يمتلكون مواهب فنية ويمتلكون إمكانات مادية هائلة جداً فباستطاعتهم إنشاء مسرح باسم الحسين يصّور لنا كربلاء بألوانها المأساوية المفجعة حتى تصل إلى كل إنسان ، لاحظوا عمر المختار كان قصة و فكرة لو لم تمثل لما وصلت قضية عمر المختار إلى ملايين من البشر ، عمر المختار إنسان ثائر قضيتهُ لم تنتشر ولم تصبح مبدأ من المبادئ إلا حينما تحولت إلى مسرح حينما تحوّلت إلى قصة متجسدة ملونة حيّة، أيضا قضية الحسين إذا أردناها أن تغزوا القلوب وأن تحترف مليارات المشاعر علينا أن نحوّلها إلى مسرح متحرك يخدم قضية الحسين وانتشار صدى الحسين عليه السلام، ونحنُ نحتاج أيضاً إلى وقف الحسين.

هذهِ الوقوفات المتفرقة المتبعثرة في شتى بقاع المسلمين غير كافية لأن توصل صوت الحسين نحنٌ نحتاج إلى وقف الحسين مؤسسة اسمها وقف الحسين ، هذهِ المؤسسة تمتلك فروع في جميع بقاع الأرض حتى في المجتمعات المسيحية حتى في المجتمعات البوذية حتى في المجتمعات اليهودية، تمتلك فروع في جميع البقاع وتستغل أيام عاشوراء في إعطاء الهدايا في توزيع الهدايا في توزيع باقات الزهور والورود في توزيع كتيبات في توزيع كلمات الحسين عليه السلام وصوت الحسين عليه السلام، عندما تتكفل مؤسسة اسمها وقف الحسين باستغلال أيام عاشوراء في كل سنة وفي كل مجتمع مسلمٍ أو غير مسلم، في أن تهدي باقة وردٍ ملونة باسم الحسين ، ملونة بكلمة من كلمات الحسين ، " والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد" فإنها تخدم قضية الحسين عليه السلام وترسّخ مبادئ الحسين أكثر من أي ّ وسيلة إعلامية أخرى.


إرسال تعليق

 
Copyleft © 2013 دائرة احياء الشعائر الحسينية
علي